تعليق على قرار المحكمة الاتحادية بعدم دستورية إستفتاء كردستان (2-2)

كتب استاذ القانون حسين الحاج حمد، في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”:
تعليق على قرار المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستورية استفتاء استقلال اقليم كردستان
لعل أكثر ما تتميز به قرارات المحكمة الاتحادية العليا وما يميزها عن بقية أحكام القضاء هو البتات والالزام للسلطات كافة، وإذا كان الأصل بهاتين الميزتين أن تكونا تجاه الغير إلا أن لهما أثرا تجاه المحكمة نفسها بطريق القياس من باب أولى، كما أن لهما أثرا آخر يتمثل بحجم المسؤولية الملقاة على عاتق المحكمة، لأن بتات تلك القرارات وإلزاميتها ليس ميزة للمحكمة فحسب، بل تتضمن إلتزاما كبيرا على المحكمة يتمثل ببذل كل الجهود والامكانيات لإيضاح الحقيقة في أحكامها حتى تصبح تلك القرارات بمستوى الصفات التي حددها الدستور لها، لأن ذلك التحديد الدستوري لم يكن من فراغ وليس زخرفا من القول بل هو إرادة تشريعية واعية ومتفحصة لكل الجوانب المحيطة بالمحكمة من تكوينها واختصاصاتها ومكانتها…الخ فإذا تحدثنا عن عضوية المحكمة فأننا سوف نتحدث عن خيرة القضاة واصحاب الخبرة والكفاءة، أما الحديث عن اختصاصات المحكمة فغني عن التعريف؛ لأن الرقابة على دستورية القوانين قد تكون كافية على بيان أهمية تلك الاختصاصات فما بالك بتفسير الدستور وحسم المنازعات بين الحكومة المركزية وحكومات الأقاليم …. والفصل في الاتهامات الموجهة إلى رئيس الجمهورية … الخ، أما مكانة المحكمة فهي بلا شك أعلى سلطة قضائية في الدولة. فهذه الاعتبارات وغيرها قد تكون هي التي جعلت قرارات المحكمة تتمتع بهاتين الميزتين، وهاتان الميزتان تفرضان على المحكمة أن تحشد كل وسائل العمل القضائي – بما يتلاءم مع عملها – لغرض إخراج احكامها وانضاجها بما يجعلها عنوانا لحقيقة بتات تلك القرارات وإلزاميتها.
وفي ضوء هذه المعطيات وبخصوص قرار المحكمة بعدم دستورية استفتاء استقلال اقليم كردستان نجد القرار كان مقتضبا إلى حد كبير، ولعلّنا لا نبالغ إذا قلنا أن المحكمة وصلت – موضوعيا وليس إجرائيا – بشكل سريع إلى منطوق حكمها من دون تفصيل واسترسال في أدلتها، ومع التأييد الكامل للأسباب التي ذكرتها المحكمة في قرارها يمكن القول أن هنالك أسبابا اخرى تصب في مصلحة النتيجة التي توصلت لها المحكمة كان ينبغي ذكرها وجعلها جزءا من الحكم إلا أن المحكمة لم تتناولها. ولا أدل من ذلك الاقتضاب للحكم الذي بلغ ست صفحات نجد أربعا منها خصصت للجوانب الشكلية والأجرائية في حين كانت حصة الفقرة الحكمية صفحتين من بين ما جاء فيهما الاشارة إلى القرار المرقم (122/اتحادية/2017) مع العلم أن اهمية الموضوع والخلاف الكبير الذي أثاره والنتائج الخطيرة المترتبة عليه كانت تقتضي الاحاطة الشاملة بكل جوانب الموضوع ودراستها دراسة شاملة حتى الوصول إلى الحقيقة المستندة لأسبابها وأدلتها مع ذكر كل هذه الأمور في الحكم، لذلك لا غرابة من أن يكون بعض مؤيدي قرار المحكمة ليس على قناعة تامة بما تضمنه من حيثيات فما بالك بالمعارضين.

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=1626130047429849&id=100000986079028