“تميّز”.. عراقيون يؤدُّون جهداً متميزاً

محمد السيد محسن*
قبل يوم تمت دعوتي لحضور فعاليات تسليم جائزة “تميز” للإبداع المعماري في قاعة المؤتمرات لفندق جراند ملينيوم في العاصمة الاردنية عمان. الجائزة تقليد سنوي لمبادرة مدعومة من جهود عراقية مستقلة تهدف الى دعم المعماريين الشباب والمبادرات التصميمية الملهمة.
لحظات وكان الفخر يتسرب الى قلبي حيث ان هذا الجهد العراقي المتميز ليس بفوز الشباب العراقيين, بل بالتنظيم والرعاية التي عجز عنها الجهد الحكومي يستوقف من يطلع عليه.
لأول مرة اكتشف ان الجائزة تبنَّت مجموعة من الشباب العراقيين من خلال توفير فرصة الدراسات العليا في أرقى الجامعات البريطانية، ولأول مرة أعرف أن هناك من يعتني بالإبداع العراقي، خصوصًا وأن العراقيين الذين لم تلوثهم السلطة بادروا لخدمة وطنهم في مجالات تعد هي الاهم في إعمار المدن، وهي الأنجع في اعمار النفوس والمجتمع.
مبادرة تميز بدأت من جامعة كوفنتري البريطانية من خلال المعماري العراقي الشاب احمد الملاك وهو احد المبتعثين العراقيين للجامعة وكان مرشحاً من قبل “جمعية ماجد الساعدي الخيرية” البريطانية.
الفائز بهذه الجائزة يحصل على بعثة دراسية على حساب الجمعية كما حصل على هذه الفرصة عشرات الكفاءات وجلّهم من الشباب العراقيين الذين حظوا بمن يقف معهم ويدعم إبداعهم بعيداً عن لغة الدين والسياسة والانتماءات الدينية والطائفية، ليكون الإبداع وحده هو المحفز الاول لتكريم المبدعين. كما ان جائزة “تميّز” باتت جائزة عالمية بعد مشاركة 68 طالباً من الجامعات حول العالم.
دورة هذا العام أضافت جائزة “رفعة الجادرجي” للمعمار كاستذكار واستلهام لمفكر معماري كبير هو رفعة الجادرجي. كما احتفت بمسابقة المعماريين العراقيين الذين تباروا في مخططات وتصميمات معمارية تسهم في اعمار مدينة الموصل والمناطق المحررة من تنظيم داعش الارهابي، الذي عاث فسادًا وأهلك الحرث والنسل.
ما أود قوله في هذه النقطة ان جهود القائمين على الجائزة وعلى رأسهم الدكتور ماجد الساعدي رئيس منتدى الاعمار العراقي يجب ان تصل الى مسامع العراقيين فهذا الجهد الكبير والمعني في بناء الجيل الحقيقي وهو الجيل العراقي المبدع حري به ان يتقدم صفوف التغطيات الاعلامية. لا أغالي اذا قلت ان ما شاهدته من احتفال تسليم جوائز “تميز” كان يفوق الجهد الحكومي، فالحفل جرى برعاية وزير الاشغال العامة الاردني سامي جرجس هلسه، وبحضور سفيرة العراق وسفراء بريطانيا وبولونيا لدى عمان، فضلا عن خبرات ومتخصصين من انحاء العالم وممثلين لمنظمات وجامعات مرموقة في العالم وعلى رأسها جامعة اكسفورد البريطانية.
جدير ذكره ان المهندس ماجد الساعدي من الذين تخرجوا من جامعة كوفنتري في لندن ومنها نال شهادة الدكتوراه في الهندسة أواخر الثمانينيات وهو الان كبير المستشارين للجامعة بدرجة بروفيسور في علوم وهندسة الفضاء. ويعد مجلس الاعمال العراقي في الاردن والذي يترأسه الساعدي هو الداعم الرئيس للمبادرة.
من حقنا ان نقول شكراً لهذا الرجل لان شبابنا وجدوا من يفتح لهم أبواب المستقبل ويضعهم على سكة الإبداع الحقيقي دون الحاجة الى مهاترات ما تنطوي عليه سياسات التنمية في بلدهم العراق.
في دورة الجائزة لهذا العام احتفى الجمع الحضور بعراقيين مبدعين ومعهم مبدعون من كافة انحاء العالم، شاركوا في مسابقة افضل تصميم معماري. كما ان الجائزة فتحت الطريق واسعًا لطلبة المعمار العراقي القادمين من جامعة بغداد والموصل والنهرين، كذلك فتحت السبل لكفاءات عراقية تمارس عملها في جامعة بترا في الاردن والجامعة الاردنية الالمانية؛ حيث كانت مشاركاتهم مهمة وذات فائدة عظيمة ولم تغفل الجائزة تكريمهم مع غيرهم من المبدعين المعماريين العرق والاجانب.
انها فعلا نقطة مضيئة يجب ان يصل اشعاعها الى كل عراقي مسؤول عن خياراته المستقبلية ليتم التعرف على البناة الحقيقيين للعراق من غيرهم الذين تسلقوا الى سدة القرار ولم يكونوا قدر مسؤوليتهم امام شعبهم ولا امام ثقة ابناء الشعب بهم، فهؤلاء الذين أسسوا لجائزة تميّز لم ولن يكونوا فاسدين لان صاحب معول البناء لا يشبه صاحب معول الهدم.

*رئيس التحرير