2018.. بين الموازنة والانتخابات

عبدالزهرة محمد الهنداوي
عام 2018 الذي سيحل قريبا في الارجاء سيكون مختلفا عن سالفاته من الاعوام المنصرمات لاسيما الاعوام الاربعة الاخيرة 2014 – 2017 ، فعامنا الجديد سيحل علينا والعراق خال تماما من داعش بعد ان حطم العراقيون هذه الغمامة التي لوثت الاجواء .. ومما لاشك فيه ان عراقا خاليا من داعش سيكون افضل بكثير .
فالنازحون سيعودون إلى ديارهم والاعمار ستدور عجلته من جديد وسترفرف رايات السلام في كل ارجاء الوطن . ولكن هل ان العراق اصبح خاليا تماما من المشاكل وسينعم ابناؤه بالهدوء والسكينة بعد القضاء على داعش ؟ ، كلا بالتأكيد ، فليس ثمة بلد في العالم من دون مشاكل ، صغيرة كانت ام كبيرة ، بما في ذلك البلدان المستقرة سياسيا وامنيا واقتصاديا ، وكل بلد لديه مشاكله الخاصة.. فكيف سيكون الحال في بلد مثل العراق خرج للتو من معركة ضروس منتصرا ، وما زالت امامه معركة اخرى لا تقل ضراوة عن معركته ضد الارهاب ، فإذا اردنا ان نتجاوز جانبا من المشاكل لأنها ليست كبيرة ، وإذا اردنا ان نستعرض ايجابياتنا.
فإننا لن نستطيع صرف النظر عن مشكلتين كبيرتين باتتا تمثلان تحديين لا يستهان بهما امام الحكومة .. وهاتان المشكلتان هما الموازنة العامة والانتخابات، وكلاهما ينبغي الانتهاء منهما وانجازهما تماما من دون تأخير ، لاسيما قانون الموازنة ، الذي يبدو انه سيواجه عقبات ليست سهلة ، مما يجعلنا نخشى تكرار سيناريو عام 2014 الذي مضى بلا موازنة نتيجة الصراعات الحزبية والطائفية ، تلك الصراعات التي جلبت لنا الويل
والثبور.
فكان ذلك العام عام المأساة بكل ما تحمله الكلمة من معنى ‘، ولا نريد هنا ان نعيد إلى الاذهان تلك الايام السود بعد ان محا العراقيون اثارها بالتحرير والانتصارات ، اما العقبات التي تواجه
موازنة 2018 ، فتقف في مقدمتها حصة اقليم كردستان التي قلصت من 17بالمئة إلى 12.6بالمئة على وفق النسبة السكانية للإقليم ، وهذا الاجراء استفز النواب الكرد وأعلنوا صراحة رفضهم للقانون مالم تتم اعادة النسبة إلى ما كانت عليه ، كما ان الكرد انفسهم يطالبون ايضا بإضافة حصة جديدة لمحافظة
حلبجة.
ويضاف إلى المشكلة الكردية ، مشكلة اخرى تتمثل بمطالبة اتحاد القوى بتضمين الموازنة تخصيصات لإعادة اعمار المناطق المحررة ، وهذه القضية لا تبدو سهلة في ظل استمرار الازمة الاقتصادية ، ومن جهة اخرى تطالب المحافظات المنتجة للنفط زيادة حصتها من (البترو – دولار) ، وكل هذه المشكلات من شأنها عرقلة مسيرة الموازنة العامة لسنة 2018 ، وعدم اقرار قانون الموازنة ، سيحيلنا إلى مشكلة اخرى تمثل استحقاقا (مقدسا) –كما يصفها الكثيرون- وهي قضية الانتخابات بشقيها البرلماني والمحلي ، فبعد ان قررت الحكومة اجراء الانتخابات في منتصف شهر ايار المقبل ، فان هناك تخوفات وهواجس من عدم امكانية اجرائها في هذا التاريخ ، تحت عنوان عدم توفر التخصيصات المالية اللازمة لتلبية المتطلبات الانتخابية لارتباط هذا الجانب بقانون الموازنة.
ولكن في واقع الحال ان احتمال تأجيل الانتخابات لا يتعلق بالموازنة فقط ، انما هناك اسباب اخرى قد تكون اكثر خطورة وتأثيرا على هذا الملف ، يقف في مقدمتها عدم اقرار قانون الانتخابات الجديد الذي هو الاخر رافق قانون الموازنة مرحلا إلى الفصل التشريعي الجديد ، وهذا الترحيل والتأخير يأتي منسجما تماما مع رغبة بعض القوى السياسية التي تسعى جاهدة لتأجيل الانتخابات تحت اسباب وذرائع شتى ، بعضها منطقي يرتبط بأوضاع النازحين وضرورة عودتهم لديارهم قبل اجراء الانتخابات ، وبعضها الاخر غير منطقي له علاقة بمحاولة الساعين إلى التأجيل نحو اعادة انتاج انفسهم من جديد بعد التدهور والتراجع في مساحتهم الشعبية .
ويبدو واضحا ان الحكومة قد انجزت ما بذمتها سواء في ما يتعلق بقانوني الموازنة والانتخابات لتلقي بالكرتين في ساحة مجلس النواب الذي انقسم على حاله ازاء المشروعين ، ولا نعلم ان كان سينجح في تجاوز المشكلة بعد بدء فصله التشريعي الجديد ؟ .. ام انه سيخفق في الامرين معا ليجر البلاد والعباد إلى مشاكل ليست سهلة ، فلا يمكننا ان نتصور حال البلد وهو الخارج توا من حرب التحرير والمحافظة على وحدة ارضه وشعبه ، ان يبقى من دون موازنة ، كما لا يمكن ان نتجاوز موعد اجراء الانتخابات لان ذلك سيأخذنا إلى فراغ دستوري نحن في غنى عنه.