2017 في العراق.. عام الانفتاح الإقليمي والدولي (تقرير)
بغداد – الإعمار
عام 2017 في العراق كان حافلاً بالانفتاح الإقليمي والدولي، خصوصا في جانبي العلاقات العراقية-التركية، والعراقية-السعودية.
فقد شهد العام زيارة أكثر من 15 شخصية حكومية إقليمية ودولية، بدرجة رئيس وزراء ووزير إلى بغداد، جرى خلالها بحث ملفات تعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب، والملف الاقتصادي، وملف النازحين.
وأجرى رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم زيارة رسمية للعراق في 7 يناير/كانون الثاني الماضي، على رأس وفد حكومي كبير، والتقى نظيره العراقي حيدر العبادي، واتفقا على مواصلة التعاون والتنسيق بمكافحة الإرهاب وتوسيع العلاقات الاقتصادية.
وعادت العلاقات العراقية -التركية تدريجيا، بعد خلافات بين الطرفين إثر تواجد عسكريين أتراك في معسكر بعشيقة بمحافظة نينوى شمالي العراق، بطلب رسمي من بغداد عام 2014، بمهمة تدريب مقاتلين محليين (حرس نينوى).
وفي 8 يناير/كانون الثاني الماضي، زار رئيس الوزراء الأردني هاني الملقى بغداد، والتقى العبادي، لبحت الزيارة الجانب الاقتصادي، خاصة إعادة فتح منفذ طربيل الحدودي بين البلدين.
كما بحثا ملف الأنبوب النفطي، وملف الاستثمارات الأردنية في العراق، إلى جانب ملف مكافحة الإرهاب والتنسيق الأمني بين البلدين.
كذلك، أجرى وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، في 25 فبراير/شباط الماضي زيارة رسمية إلى العاصمة العراقية، هي الأولى من نوعها لمسؤول سعودي رفيع المستوى.
وشهدت العلاقة بين العراق والسعودية توتراً بعد تقديم بغداد طلباً في أغسطس/آب 2016 للرياض، لاستبدال سفيرها ثامر السبهان، على خلفية اتهامه من قبل بغداد بـ”تدخله في الشأن الداخلي العراقي”.
وفي 19 من يونيو/حزيران الماضي، أجرى العبادي، زيارة رسمية للسعودية في جولة شملت الكويت وإيران، وهي الأولى منذ تسلمه رئاسة الوزراء قبل نحو ثلاثة أعوام.
وضمن ملف الزيارات أيضاً، أجرى وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي زيارة رسمية إلى بغداد في 8 مارس/آذار الماضي ضمن زيارة رسمية للقاء المسؤولين العراقيين.
في حين، زار الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط العاصمة العراقية في 15 من الشهر ذاته، استغرقت يوما واحدا؛ لإجراء لقاءات من مسؤولين عراقيين تتعلق بقضايا المنطقة.
**زيارات ضد “داعش”
وواصلت بغداد استقبال المسؤولين الدوليين، تزامناً مع تقدم واسع لقواتها في معاركها لاستعادة مناطق خاضعة لسيطرة تنظيم “داعش” الإرهابي.
فقد وصل في 30 مارس/آذار، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، العراق في زيارة رسمية، أجرى خلالها لقاءات مع رؤساء ووزراء ونوّاب في البرلمان، لبحث أوضاع النازحين والمعارك ضد تنظيم “داعش”.
وفي 19 أبريل/نيسان، زار وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل، بغداد، إذ بحث مع مسؤولين عراقيين ملف الحرب على تنظيم “داعش”، والدعم في مجال إعادة إعمال المناطق التي دمرتها المعارك.
كما زار العراق في 24 من الشهر ذاته، نائب رئيس الوزراء، ووزير الداخلية البلجيكي، جان جامبون، ووزير الدفاع استيفن فاندبوت، ووزير الهجرة ثيوا فرانكن، وبحثوا ملف النازحين والحرب على تنظيم “داعش”.
وأجرى رئيسا وزراء التشيكي، بوهسلاف سوبوتكا في 26 أغسطس/آب، والبريطانية تيريزا ماي في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ووزير الدفاع البريطاني مايكل فالون، في 18 سبتمبر/أيلول، زيارات رسمية للعراق، بحثت الحرب على “داعش” واستمرار الدعم العسكري والإنساني.
**زيارات اقتصادية
وفي ملف منظمة أوبك (الدول المصدرة للنفط)، والاتفاق حول مواصلة خفض الإنتاج، في مسعى لرفع أسعار النفط عالميا، شهد العراق زيارات متعددة لمسؤولين بارزين.
فقد زار وزير الطاقة الجزائري نور الدين بوطرفة، في 10 مايو/أيار الماضي البلاد ، لبحث خلالها التنسيق المشترك بين المنتجين ضمن منظمة أوبك، للمرحلة القادمة.
وفي 22 من مايو/أيار الماضي، أجرى وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، زيارة بحث خلالها مع نظيره العراقي التعاون المشترك وتفاهمات حول تطورات أسواق النفط العالمية.
وكانت أوبك قد اتفقت في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 على خفض الإنتاج نحو 1.2 مليون برميل يوميا، ابتداء من فبراير/كانون الثاني 2016، في محاولة لخفض الفائض من المعروض العالمي من النفط وتعزيز الأسعار.
**الأزمة مع أربيل
وإزاء التطورات السياسية الدولية الإيجابية التي شهدها العراق خلال 2017، تصاعدت حدة الخلاف السياسي الداخلي مع إقليم شمالي البلاد، وتطور لاحقا إلى تدخل عسكري، عقب لجوء إقليم الشمال لإجراء استفتاء الانفصال “الباطل” في 25 سبتمبر/أيلول الماضي، رغم معارضة داخلية وإقليمية ودولية.
وبدأت الأزمة بين بغداد وأربيل، منذ صّوت مجلس محافظة كركوك شمالي العراق في مارس/آذار الماضي، بغالبية أعضائه الأكراد، على رفع العلم الكردي إلى جانب العلم العراقي الاتحادي، فوق المؤسسات الحكومية الرسمية.
وفي 4 من نيسان/أبريل الماضي صّعد مجلس محافظة كركوك من موافقه بشأن أزمة رفع علم الإقليم، بالتصويت على مقترح إجراء استفتاء حول مصير المحافظة، بمعزل عن الحكومة الاتحادية.
وتصاعدت حدة الخلاف بين بغداد وأربيل على خلفية تحديد الأخيرة تاريخ 25 سبتمبر/أيلول الماضي، موعدا لإجراء استفتاء الانفصال.
وفي 9 من الشهر ذاته، وصّل الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إلى العاصمة العراقية، والتقى عددا من المسؤولين العراقيين؛ أبرزهم رؤساء الوزراء والجمهورية والبرلمان، وناقش ملف استفتاء إقليم الشمال.
وبعدها بثلاثة أيام، صوّت مجلس النواب العراقي بأغلبية أعضائه، على رفض الاستفتاء، وأَلزَم رئيس الوزراء حيدر العبادي باتخاذ كافة التدابير التي تحفظ وحدة العراق.
وبعد يومين من قرار رفض الاستفتاء، صّوت البرلمان العراقي “بالأغلبية” على إقالة محافظ كركوك نجم الدين كريم بعد طلب مقدم من مكتب العبادي.
في 17 أكتوبر/تشرين أول، كلّف رئيس الوزراء العراقي، نائب محافظ كركوك راكان الجبوري، بتولي منصب المحافظ بالوكالة خلفا للمحافظ المقال.
وإزاء الإصرار الكردي على إجراء الاستفتاء في موعده المحدد، أعلن وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري في 12 من سبتمبر/أيلول الماضي، الاتفاق معه نظيريه؛ التركي مولود جاويش أوغلو، والإيراني محمد جواد على اتخاذ إجراءات مضادة.
وبعد يوم واحد من إجراء الاستفتاء “الباطل”، أمّهلت الحكومة العراقية على لسان رئيسها حيدر العبادي، الإقليم الكردي 72 ساعة لتسليم المطارات والمنافذ الحدودية.
وفي 11 أكتوبر/تشرين الأول، أصدرت محكمة تحقيق الرصافة ببغداد والتابعة لمجلس القضاء الأعلى، أوامر قبض بحق رئيس وأعضاء مفوضية الانتخابات والاستفتاء في إقليم شمال العراق.
وبعد يومين من قرار المحكمة، بدأت القوات العراقية التحرك باتجاه المناطق الخاضعة لسيطرة قوات البيشمركة (قوات إقليم الشمال)، في محافظة كركوك، بأمر من العبادي.
وفي 17 من الشهر ذاته، أعلنت القوات العراقية تحقيق جميع أهدافها، ضمن خطة فرض القانون العسكرية في كركوك، بالسيطرة على جميع المناطق في المحافظة.
ومنتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قرر “الحزب الديمقراطي الكردستاني” بزعامة رئيس إقليم شمالي العراق المستقيل مسعود بارزاني، العودة لاجتماعات البرلمان الاتحادي، بعد انقطاع دام نحو شهرين، بسبب أزمة الاستفتاء.
ولاتزال الازمة متواصلة بين بغداد وأربيل، إذ تصر الأولى على إبقاء إجراءاتها العقابية ضد الإقليم؛ ومنها إغلاق المطارات والمنافذ الحدودية، حتى تعلن الأخيرة بشكل رسمي إلغاء نتائج الاستفتاء، وتسليم جميع المنافذ الحدودية والمطارات للسلطة الاتحادية في بغداد.