مشكلة في حزب الدعوة قد تؤجل الانتخابات
محمد السيد محسن*
يدور الان جدل واسع حول تأجيل الانتخابات من عدمه، وتتوالى التصريحات من قبل كثير من الزعامات، منهم من يؤيد قيام الانتخابات في موعدها، وآخر يستغرب تأجيلها والبعض يتساءل عن العذر القانوني لعدم إقامتها في موعدها.
لكن أروقة حزب الدعوة فيها الإجابة الحاسمة حول بعض المشكلات التي يعاني منها الحزب بسبب التربص والتبييت والتصريحات النارية غير الصريحة بين زعيمي الحزب الآن وهما: رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، ونائب رئيس الجمهورية نوري المالكي.
العبادي ورغم مطالبات شعبية كبيرة له بالانسحاب من حزب الدعوة كي لا تجير انتصاراته وانجازاته في فترة ترؤسه لرئاسة مجلس الوزراء للحزب الذي لم ينجح في تحقيق التقدم أو الأمن في العراق منذ أربع دورات انتخابية وتسنمه لمنصب رئاسة الوزراء، إلا أن العبادي ما زال صبورًا في تحيّن فرصة الانقضاض على المالكي وإعادة سيناريو عام 2005 حينما انقلب الأخير على رئيس حزبه وقتذاك ابراهيم الجعفري وورث منصبه في رئاسة الوزراء وانقضَّ عليه في منصب رئاسة الحزب، الأمر الذي أدى حينها لأن يخرج الجعفري من حزب الدعوة ويعلن تأسيس حزب الإصلاح، وهو آخر انشقاق في حزب الدعوة ضمن سلسلة الانشقاقات التي عانى منها الحزب منذ بداية الثمانينات ولحد الآن.
وفي العودة إلى عنوان المقال حيث أن المشكلة بين الزعيمين هي الأساس في تأجيل الانتخابات. حزب الدعوة سجل اسمه في مفوضية الانتخابات كمشارك لكنه لم يسجل تحالفه لحد الآن لعدم الاتفاق على القائد الذي يحمل رقم (1) في القائمة المقدمة لمفوضية الانتخابات. وقد حصلت مشادة كلامية قبل شهر تقريبًا بين العبادي الذي طالب أن يكون اسمه رقم واحد في القائمة متذرعًا بأنه رئيس الوزراء وبالإنجازات التي حققها والتي تصب لصالح الحزب وتاريخه القيادي في العراق، ونوري المالكي الذي تذرع بأنه الأمين العام لحزب الدعوة وإنه يجب أن يكون رقم واحد. وكان من نتيجة المشادة أن خرج العبادي غاضبًا من الاجتماع وتبعه علي العلاق لمحاولة إعادته للاجتماع لكنه رفض وانفضَّ الاجتماع من بعده.
حاول علي الأديب حل المشكلة من خلال تقديم طلب لمفوضية الانتخابات بتسجيل حزب الدعوة بإسمين كي يترأس العبادي أحدهما والمالكي الآخر. لكن المفوضية رفضت متذرعة بقانون تسجيل الأحزاب والكيانات، فضلا عن أن المشكلة ليست مع تشكيل الحزب وإنما مع تسجيل التحالف.
من فوائد رقم “واحد” في قائمة التحالف هو الاستفادة من الاصوات المرشحة للقائمة ولم ترشح لأي شخص في القائمة؛ حيث ستصب الأصوات لصالح رقم “واحد” حسب قانون الانتخابات، كذلك فإن رئيس القائمة هو المخوَّل بترشيح أسماء من لم ينجحوا في كسب عدد الأصوات المؤهل لشغل مقعد برلماني، وهذه المزايا هي مورد الصراع بين العبادي والمالكي، حيث يسعى كل منهما لتحييد الآخر.
ومن ضمن التصعيد الذي تطور بين الرجلين أن دعا نوري المالكي التحالف الوطني للاجتماع، بصفة غير رسمية؛ حيث أنه ليس مخولًا بدعوة التحالف لأنَّ رئاسة التحالف الممثل بالسيد عمار الحكيم هي الطرف المخول بدعوة الأعضاء فقط، ومع ذلك تجاوز المالكي كل هذه الاعتبارات ودعا إلى اجتماع في الثالث من يناير/كانون الثاني الجاري، ولم يحضر رئيس التحالف عمار الحكيم ولا تياره “الحكمة” ولم يحضر رئيس الوزراء العبادي وجناحه في حزب الدعوة، كذلك لم يحضر أي ممثل عن التيار الصدري، وكان الاجتماع بمثابة نقطة مثيرة للسخرية في وضع المالكي الحالي، وبالتالي لم يخرج الاجتماع بأية مبادرة رسمية وملزمة لأطرافه.
العبادي من جانبه طلب أنْ ينقل ملف الانتخابات ومناقشة تغيير موعد اجرائها إلى مجلس النواب، للتباحث مع المفوضية وطرح المسألة للتصويت تحت قبة البرلمان، وبدأت تصرح الحلول الموازية والتي من شأنها أنْ تجد بدائل لحالة الفراغ الدستوري الذي تفرضه حالة عدم إجراء الانتخابات في وقتها، ومن ضمن الحلول هو تمديد حكومة العبادي تحت اسم حكومة مؤقتة، إلا أنَّ المالكي لم يخفِ تحفظه وطالب بتوفير شرط للموافقة على تمديد الحكومة وهو: يتم تشكيل حكومة مؤقتة شرط إبعاد العبادي عن رئاستها.
الآن باتت المواقف بين الرجلين واضحة جدًا، وبات السعي لإزاحة أحدهما الآخر كفيلًا بحل أُمور كثيرة بالنسبة لحزب الدعوة أو بالنسبة للتحالف الوطني، وإلا فإنَّ المشهد السياسي الشيعي سيشهد انشقاقًا جديدًا في حزب الدعوة وهو الأمر المرجح قبل الدخول في معترك الانتخابات.
من جانب آخر فإن العبادي والمالكي باتا ميالين لتأجيل الانتخابات دون المجاهرة بهذا الأمر لأنه الضمان الوحيد لبقائهما ولتوفير أكبر قدر لكليهما للاستفادة من الوقت للانقضاض على الآخر.
*رئيس التحرير