في جواب سؤال: هل تأخرنا؟

محمد السيد محسن *
في الوقت الذي يستعجل فيه السياسيون ليضعوا قدما على سكة المشهد السياسي العراقي، يتأنى “منتدى الاعمار العراقي” كثيرا في خطواته على الرغم من ان جميع كوادره هم من الاقتصاديين والكفاءات العلمية التي تصب لصالح اقتصاد البلد وتنميته، ولكن السؤال الذي يتم تداوله من قبل المقربين من المنتدى هو: هل تأخرتم؟
الجواب على هذا السؤال يتعلق بالمناخ السياسي الذي يحيق العراق والوضع النفسي الذي يعيشه المواطن.
فاما المناخ السياسي، فإن الاحزاب السياسية اثبتت عدم وجودها بشكل فاعل في الساحة الانتخابية بعد اعتماد كل شخص على ذاته دون الارتكاء الى حزبه، وبات هذا الامر جليا من خلال تشظي مجموعة الاحزاب الى كيانات تتعلق بشخصيات ليس الا، كيانات ما ان تسحب منها قائدها حتى تراها في اللاوجود.
وهناك كيانات اخرى تابعة ومبرزة ايضا لشخصيات بعينها تتسابق للمشهد الانتخابي لانها تحرص على عدم التفريط بالمكاسب التي تحصل عليها اثناء تواجدها في دكة المنصب او القرار، وهذا يجعل من الخدمة السياسية خدمة مكاسب وليس خدمة تشريف وتنمية، وربما هذه الحالة تتواجد في بلدان قليلة جدا منها العراق، لكنها عندنا تبرز بشكل جلي دون اي مجال للتنمية او البناء.
وما يزيد المشهد احباطا وألما ما يراه المنتدى كما يراه العراقيون جميعهم من تكتلات طائفية وعرقية، وبأن السياسيين في العراق لا يمكنهم الخروج من عباءاتهم التقليدية وتحالفاتهم المرتبطة بالمقاعد الانتخابية وليست بالبرامج والرؤية الاستراتيجية لمستقبل البلاد.
وعليه فان منتدى الاعمار العراقي ووفقا للخطوط العريضة التي بينها الدكتور ماجد الساعدي المؤسس الفعلي لفكرة المنتدى لا يعتني بما يعتني به ساسة البلاد وقادته من حرص على منافع شخصية انما يحرص على ان يجعل من خبرات كوادره رهنا لاقتصاديات البلاد ورهنا لخطة تنموية شاملة لكل قطاعات البلاد سعيا لتغيير واقع براغماتي دأبت الطبقة السياسية على اتخاذه هدفا وشعارا احيانا.
اما فيما يتعلق بالوضع النفسي الذي يعيشه المواطن العراقي، فالمنتدى يرى ان المواطن ما زال اسير احلام لم ير منها الا الوعود ولم ينه له السياسيون ليلا طويلا من امل الوصول الى تحقيقها.
بل ان المواطن العراقي ما زال يعمل بعاطفته, يزيح العمل بعقله، احيانا خوفا من ان يصدم بمن اعتمد عليهم طيلة الفترة السابقة، اما الان فقد انجلت الغمة عن وعي المواطن الى “حد ما” وتاسست طبقة واعية ونشطة من الممكن ان يتم التنسيق معها لاحداث تغيير في البنية السياسية السيئة التي روج لها قادتها من خلال الدين والطائفة وربط المعتقد مع الخدمة الفعلية للمواطن وبالتالي فلا المواطن حصل على خدماته التي تقوم حياته ومدنه، ولا نالت البنية التحتية اي دعم لان الطبقة السياسية لم تعتمد على برامج اقتصادية وخطط عمل تكفل للمناطق والمدن ومن يسكنها حياة كريمة وهانئة.
ومع كل ذلك فان شوائب التاثير من قبل بعض الذين يروجون لانفسهم من خلال المذهب والطائفة والدين ما زالت فاعلة في الشارع العراقي وما زال الكثير من العراقيين يجدون انفسهم اسرى وعود جذابة من قبل بعض المسؤولين عن القرار في ايجاد فرص عمل لابنائهم، او دعم مطالبهم في سكن امن، او الوعود المعسولة في توفير بيئة صحية متكاملة وحياة نموذجية.
لذلك فان منتدى الاعمار العرقي وفق هذه المعطيات لم يتأخر , لانه يحتاج الى تغيير اولي يقدم عليه المواطن من خلال اكتشافه زيف الوعود، وتحول البرامج الحزبية الى ترميز لقيادات حزبية، حيث ان الاحباط الذي يمر به المواطن لا يفسح له مجالا للمغامرة من جديد مع وجوه لم يخبرها.
وبالتالي فان وجود منتدى الاعمار العراقي كمنظمة محلية، وليست حزبا سياسيا يساير ركوب الموجة لغرض التسابق على المكتسبات وهذه هي التهمة الاولى للسياسيين واحزابهم, هذا الامر هو الكفيل بمساعدة المواطن للتخلص من ادران الفترة السابقة وما عاناه من استهانة بخططه التنموية وخدماته وكذلك باحلامه. كما انه سيكون داعما لمن يبدى الرغبة بالتغيير وتحصين قرارات المواطن ومساعدته على اتخاذ القرار الصائب.
ولا ننسى ان العراق حسب المعطيات التي ساقها قانون انتخابات لا يليق بمرحلة التغيير، وحسب ما سمي بعملية التدوير لنفس الوجوه في العملية السياسية، فاننا امام حالة احباط قادمة لدى المواطن قد تجر الى تعقيدات للمشهد القادم، ولا نستبعد استخدام العنف الجماهيري والثوري في قادم الايام لفرض التغيير بعد اساءة استخدام الديمقراطية في العراق، فالشعوب تصبر … لكنها لا تستسلم.

*رئيس التحرير