التحالفات الجديدة .. ومحاولات العبور
عبدالزهرة محمد الهنداوي
واضح ان ما يسود المشهد السياسي العراقي هذه الايام يشير بوضوح إلى ان الانتخابات التشريعية المقبلة ستكون الاكثر تعقيدا بالمقارنة مع سابقاتها ، وذلك بسبب التشابك والتقاطع بين الكتل والكيانات والأحزاب التي اعدت عدتها لخوض الانتخابات ، والجميع يسعى نحو كرسي رئيس مجلس الوزراء ..فضلا عن اشكالية دمج الانتخابات المحلية معها
ويبدو واضحا ايضا ان اختلاط اوراق التحالفات وعدم وضوحها يحيلنا الى ان حملات الدعاية الانتخابية ستكون حامية الوطيس ، وسترتفع سخونتها إلى درجة الغليان خلال الاسابيع المقبلة بعد ان حسمت المحكمة الاتحادية قضية عدم دستورية ولا قانونية اي تأجيل للانتخابات ، واضعة بذلك حدا لمحاولات الكثير من الكتل السياسية الساعية إلى التأجيل سواء بنحو علني او من تحت الطاولات ..
ولكن في ظل هذا الصراع والمناكفة الذي يطبع المشهد الانتخابي العراقي ، ثمة سؤال يطرح ، مفاده ، هل انتجت لنا المرحلة السابقة وتحدياتها وما افرزته من تحالفات ، كتلة او كياناً عابرا للطائفية كما يتحدث الكثيرون ؟ ، وان وُجدت مثل هذه الكتلة المفترضة ، ما مدى التزامها بالوطنية ، فليس كافيا ان يكون المرء نابذا للطائفية بصورتها المرضية ، ليكون وطنيا ؟ .. ثم يأتي السؤال الاخر ، اذا افترضنا توافر الوطنية مع نبذ الطائفية من قبل هذه الائتلافات ، ما هو مدى عمرها الزمني ؟ هل ستصمد فعلا ، ام انها تتهاوى في اليوم الثاني بعد الانتخابات ؟
فيما يتعلق بالسؤال الاول ، اعتقد ان اغلب التحالفات التي ولدت في الساعات الاخيرة قبل نهاية موعد التسجيل في مفوضية الانتخابات ، هي تحالفات غير متجانسة ولا متفاهمة على المشتركات الاساسية ، انما هي تحالفات عابرة لمرحلة الانتخابات وليس عابرة للطائفية ، ومن المؤكد لو اعلنت المفوضية عن تمديد موعد تسجيل الائتلافات لتغيرت الخارطة بنحو كبير ان لم يكن شاملا ، لان كثيرا من هذه التحالفات ولدت تحت ضغط المهلة الزمنية ، حتى ان بعضها استفز جهات سياسية اخرى ربما كانت تفكر بالتحالف مع هذه الجهة او تلك ، ولكنها حين رأت بوصلة تلك التحالفات تتجه نحو جهة اخرى غير الجهة التي كانت تفكر بها ، وجهت انتقادات شديدة لتلك التحالفات واصفة اياها بشتى الاوصاف .. وفعلا فقد شهدت الساعات التي سبقت انتهاء مهلة التسجيل انفضاض شراكات ائتلافية بعد اقل من اربع وعشرين ساعة من اعلان تشكيلها ، فثمة شروط فرضتها الكتل القوية في الاقل قوة ، ما دفع الاخيرة إلى العودة إلى قواعدها لضمان الحصول على شيء في الانتخابات التي تفصلنا عنها اقل من اربعة اشهر .
ومن المتوقع ان تشهد الائتلافات الاخرى التي ذوبت اكثر من 200 كيان سجلت لدى مفوضية الانتخابات في اقل من اربعين ائتلافا حالات التشظي في اي لحظة ، وان صمدت الان ، فإنها ستتعرض لمثل هذه الهزات بعد اجراء الانتخابات ، والكل يعلم صعوبة مهمة اختيار رئيس مجلس الوزراء وتشكيل الحكومة وفقا لنتائج الانتخابات ، فهل ستكون حكومة اغلبية سياسية ، او وطنية ؟ .. بلا شك ان مثل هذا الامر تحدده نتائج الصناديق وطبيعة ائتلافات ما بعد الانتخابات ، فكلما كانت التحالفات قائمة على ارضية صلبة ولديها برنامج وطني واضح وتمتلك كاسر امواج قوي يمكنها من مواجهة المد الطائفي والعبور إلى ضفة الوطنية ، كان طريقها اسهل صوب تشكيل حكومة قوية .. ما نتمناه فعلا ان تتحقق احلامنا ونرى كتلا عابرة للطائفية ذات افق وطني واسع لنتمكن من تجاوز الصعوبات والمطبات التي عرقلت كل شيء في البلاد على مدى اكثر من عقد من الزمان .