كربلاء.. والسلم الأهلي

محمد السيد محسن*
للمرة الثانية تقدم شرطة كربلاء على الاعتداء على مواطن عراقي ويفلت المقصرون من العقاب، ففي المرة الاولى تم الاعتداء على محمد عباس مدرب فريق كربلاء لكرة القدم من قبل قوات “سوات” التابعة لرئيس مجلس الوزراء وقتذاك نوري المالكي، الحكومة كانت وعدت بفتح تحقيق بالحادث الا ان المسألة باتت في حكم المنسية في وقت فارق الضحية حياته ولم يهتم احد لموت مواطن بريء، ليس لشيء سوى ان الجاني يتمتع بقوة التجاوز على القانون مسنودا من اعلى سلطات القرار في الدولة.
اليوم تعاد ذات المسألة بيد ان حادثة الاعتداء على الشاب حسين مازن ناصر اقترنت بتحايل على القانون وتم تهديد الطبيب العدلي والجهة القضائية المكلفة بإحقاق الحق والدفاع عن الضحية.
وزارة الداخلية من جانبها وعلى مستوى وزير الداخلية قاسم الأعرجي استقدمت شقيق المغدور والتقاه الأعرجي ووعد بتوظيفه في وزارة الداخلية لينتهي الامر ربما بدفع دية المغدور والسكوت مرة اخرى على حالة اعتداء على مواطن بريء بذريعة انه توفي بين يدي المحققين.
القضية يجب ان لاتقف عند حد دفع الدية وإنما بتاسيس دولة السلم الأهلي التي يجب ان تحفظ فيها حقوق المواطن ويستطيع تحقيق سلمه في محافظته ودولته، اما القضية الثانية التي يجب ان يتم التركيز عليها هي العثور على مقصرين في حوادث كتلك واُخرى مماثلة.
قبل عامين تم تعذيب فتىً يافع لم يتجاوز الستة عشر عاماً من عمره بطريق وحشية لان اسمه حاتم سليمان، وتم تعذيبه في حينها بوضع حصىً شديد الحرارة على كفَّيه وتم وثاقهما ففقد الشاب حينها حركة يديه ولم يتم تحديد المقصر وقتها.
علماً بان حاتم سليمان الشخصية الشهيرة والتي كانت ضمن سلطة المشهد السياسي العراقي وكان صديقاً مقرباً من نوري المالكي والجناة يعلمون تماماً بان المجني عليه ليس هو المقصود، لكن الاعتقاد الراسخ بالافلات من العقوبة بمثل هذه الاعتداءات هي التي تعطي الضوء للنجاة للتمادي في اختراق حالة القانون وحقوق الانسان في العراق.
ما جرى في كربلاء يجب ان يقف عنده اصحاب القرار في الحكومة العراقية وان يكونوا جادّين في اجراء تحقيق يحدد فيه اسم المقصر وتقديمه لمحاكمات عادلة، ولا يتم تهديد عائلة المجني عليه بدفع دية القتل والتنازل عن القضية، بل يجب تفعيل القضاء باستيفاء الحق العام الذي يكفل للقضاء بتنفيذ مهماته في تحقيق العدالة في مجتمع يفترض ان يثق بالعدالة.
الاخبار الحسنة التي وصلت من كربلاء تفيد بان رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي وصل الى المدينة لمتابعة حالة الغدر بالفتى ورشحت أنباء عن اقالة رئيس جهاز الشرطة المحلية، لكن تساؤلنا ما زال هو: من المقصر؟ ومن الجاني؟ هل الجاني العيني هو مدير جهاز الشرطة في المحافظة؟، الحقيقة ان الجاني من اقترف الذنب بشكل مباشر وليس من قاد جهاز الشرطة، نتمنى ان تكون السلطات المركزية والمحلية على قدر المسؤولية بالذهاب الى طويريج، واثبات ان هذه القرية هي ليست العوجة ما بعد عام 2003 ويجب ان نرتهن الى قاعدة ان لا احد فوق القانون، كما يجب ان يقف الجهازان الحكوميان المركزي والمحلي امام مسؤولياتهما وعدم السماح للمتربصين باستدراج عائلة الضحية تحت سلطة التهديد او الاغراء بالمال للتنازل عن حقهم القضائي.

*رئيس التحرير