80 يوماً صعبة تفصلنا عن الانتخابات

د. عادل عبد المهدي
تختلف سمات الانتخابات القادمة عن سابقاتها، وفيها سلبيات وايجابيات، وهذه بعضها.
1- كنا نتمنى ان يتضمن قانوني الاحزاب والانتخابات معالجات جدية لتلافي نواقص الماضي، وأهمها: أ) ان تفرز الانتخابات حكومة اغلبية قوية وناجحة ووطنية، تؤسس لنفسها عبر نتائج الانتخابات مباشرة، لا ان تلد بعملية قيصرية عبر المحاصصة والمساومات والمناورات والضغوطات.. ب) ان تستثمر التعددية لتحقق عامل الوحدة والتنوع، وليس عامل تخندق طائفي واثني.. ج) ان يحجز الطريق امام استخدام السلطة لكسب الاصوات، وان تتحول الاحزاب الى مؤسسات وليس مجرد زعامات شخصية، وان ننتهي من ممارسة الاصوات المرتفعة للرقم الاول في القائمة، بما يسمح برفع عناصر ضعيفة عددياً ونوعياً، وان تبقى الاحزاب محور النظام السياسي، وأن لا يحجز الطريق امام القوى الصغيرة والمستقلين من التمتع بفرصهم وحقوقهم، إن كانوا يتمتعون بتأييد جماهيري وكفاءة تؤهلهم لذلك.
وللأسف، لم نتعظ بتجارب الماضي، لنعزز الايجابيات ونعالج السلبيات: أ) فالقسمة الاولى لـ”سانت لوكو” باتت 1.7، بدل 1.6، وبهذا ستضعف منافسة المستقلين والقوى الصغيرة امام الكتل الكبيرة، التي سيكون عدد مرشحيها ضعف عدد المقاعد، مما سيمنحها اصواتاً اضافية يصعب مواجهتها.. ب) رفضت جميع المقترحات في ترك نسبة لاعلى الاصوات لفتح الباب لعناصر تحظى بتأييد الناخبين، ولمنع التوجه للنزعات الفردية وارقام الشخص الواحد العالية المشجعة لولاء المرشحين للزعيم/الفرد والحزب وليس الكفاءة والشعب والوطن.. وبعد الانتخابات، يذهب الاوائل للمناصب التنفيذية عموماً، ولتمتلىء المناصب التشريعية بالناجحين “زحفاً”، والقصد ليس تقليل شأن بعض الفائزين، بل تشخيص ثغرات النظام.. ج) عدم الاخذ بمقترحات تدفع مسبقاً الائتلافات لقوائم وطنية عابرة، وليست طائفية او اثنية، كالمناهج وتعريف المرشحين الاساسيين للمواقع الرئاسية والاساسية، وتشجيع ذلك بحصة “تعويضية” (20-30%)، محسوبة بالصوت الوطني الكلي للناخبين.. وهكذا سيحترم الصوت الوطني والمناطقي.. د) ان يوضع صندوق جانبي لتعديلات دستورية يقرها مجلس النواب.
2- السمة الرئيسية لهذه الانتخابات هي كثرة الانقسامات. وهذا صحيح في جميع الساحات، بل هو صحيح داخل الحزب الواحد والقائمة الواحدة.
وقبال السلبيات هناك ايجابيات منها:
1- نظام التصويت الالكتروني وبطاقة الناخب، مما قد يحد كثيراً من الاخطاء وعمليات التزوير ويوفر الدقة والسرعة. وحتى 4/1/2017 (اخر تحديث للمكاتب الانتخابية على موقع المفوضية) كان عدد الحاصلين على بطاقة انتخابية 42% من مجموع الناخبين البالغ عددهم 19.751،764.. “واسط” اعلى نسبة ومقدارها 76% من ناخبي المحافظة، و”الانبار” اقل نسبة ومقدارها 17%.. وعدد الذكور المسجلين 4.16 مليون والاناث 4 مليون.. ومواليد 1970 وما فوق: (70.49%).. ومواليد 1958-1969: (16.29%).. ومواليد 1958 وما قبل: (13.21%) من مجموع الناخبين تقريباً. وهذه اوزان ستبقى قريبة من الواقع، رغم ان الارقام ستتغير، عند تحديث الاحصاءات، وبعد تحرير الارض من “داعش” ودخول مسجلين جدد.. مع ملاحظة ان عدد البصمات غير المقروءة في تلك الاحصاءات كان 10%، وهذه نسبة مرتفعة، ولاشك ان المفوضية قد عالجت الامر، او ستعالجه.
2- عدا استثناءات مقلقة بالتخوين والعمالة شيعية وسنية، وخصوصاً كردية، لمن قرر النزول بقوائم خارج انتماءاته الاثنية او المذهبية، فان هناك اختلاطاً متزايداً للهويات والايدلوجيات المختلفة ودخولها كاحزاب او افراد في ائتلافات مشتركة. ورغم ان معظم الائتلافات والقوائم تصدرها حزبيون، لكنه لا ينكر ان الكثير من القوائم احتوت على الكثير من الاسماء المستقلة والكفاءات والوجوه الجديدة.
ستغيب الكثير من الاسماء البارزة. فالتجديد عملية ضرورية، لكن غياب بعض الخبرات لا يخلو من سلبيات. فالانتخابات والديمقراطية تصلح نفسها بنفسها. فتتطور مع تطور الوعي العام وتعمل على تطويره، وتتراجع مع تراجع الوعي العام وتساهم بتراجعه.. وان لا سبيل اخر للاصلاح سوى المثابرة والاصرار على طريق الصواب.. وسنرى اننا سنتقدم وستتحقق المنجزات، وستنجز المراحل بصعوباتها ومشاكلها، ليتم تجاوزها، بل ونسيانها احياناً، لتبرز مشاكل وصعوبات وعقبات جديدة، سيعتقد وقتها انها لن تحل.. وهكذا دواليك.