رز “العنبر” صنف زراعي نادر مهدد بالاندثار

بغداد – الاعمار
لم يعد المزارع قاسم الساعدي، أحد سكان محافظة ذي قار، جنوبي العراق، يزرع رز “العنبر” المعروف، بمساحات واسعة؛ وذلك بسبب قلة المياه وعدم اهتمام المؤسسات الحكومية بالزراعة.
العراق الذي عُرف بزراعة الرز بجميع أنواعه، اشتهر بإنتاج نوع نادر يسمى محلياً بـ”العنبر”، ويمتاز بشدة بياضه، ورائحته المميزة، ونسبة البروتين العالية، وكبر حجم البذرة.
يقول قاسم الساعدي، “كل عام تتقلص المساحة التي أزرعها لمحصول الرز، بسبب شح المياه، والصعوبات الكبيرة من حيث فتح قنوات جديدة، أو الحصول على مادة الوقود لتشغيل المضخات”.
وأضاف: “الزراعة في العراق محاربة من قبل المؤسسات الحكومية، خاصة الموارد المائية التي لا تسمح لنا بالحصول على الكميات المائية المناسبة بحجة الخوف من نقص المورد المائي؛ ما تسبب بهجرة الكثيرين منا إلى المدن أو بهجرة الزراعة”.
الساعدي وغيره من المزارعين اتهموا مديري دوائر الموارد المائية بإعطاء حصصهم إلى الأقضية والنواحي التي ينتمون إليها، إضافة إلى عدم السماح بفتح قنوات جديدة للحصول على المياه، معتبرين ذلك حملة ترمي إلى القضاء على الإنتاج المحلي.
ويهدد تراجع منسوب المياه في نهر دجلة بالقضاء على الزراعة في عدة محافظات، ما يجعل منه خطراً يستهدف الاقتصاد المحلي، ويتسبب في رفع نسبة البطالة، فضلاً عن كونه تهديداً بيئياً.

– من الزراعة إلى الاستيراد
حسين الطائي، هو الآخر مزارع يعاني من تدهور الواقع الزراعي في بلاده، وهو ما اضطره إلى ترك الزراعة ليعمل في بيع الخضراوات والفواكه المستوردة.
يقول إنه “بسبب قلة المياه وعدم وجود حلول سريعة من قبل وزارتي الموارد المائية والزراعة أُجبرت على ترك الزراعة وإيجاد عمل آخر”.
وأضاف الطائي، الذي يتابع الواقع الزراعي في بلاده، ومعاناة المزارعين من أقاربه، أن “المساحات التي استغلت لزراعة محصول الرز هذا العام تقلصت وبشكل كبير مقارنة بالعام الماضي”، مشيراً إلى أن “رز العنبر العراقي المعروف سينتهي وجوده من البلاد إن استمر الوضع على ما هو عليه الآن”.
بدوره، يقول الخبير في القطاع الزراعي، نافع الدليمي، إن السنوات الأخيرة شهدت انخفاضاً كبيراً في مستوى الأمطار الموسمية، منبهاً إلى أن العراق “سيتعرض لأخطر أزمة مياه في تاريخه؛ وذلك بسبب السدود التركية، وخاصة سد أليسو، وعلى الحكومة مخاطبة الجانب التركي بإعطاء العراق الكمية التي تكفيه من المياه”.
وأضاف الدليمي أن “أوضاع الزراعة في العراق مأساوية، وخاصة زراعة الرز، لا سيما رز العنبر المهدد بالاندثار؛ بسبب عدم وجود تخطيط سليم مبني على إقامة مشاريع الري، أو تحفيز المزارع على زيادة المساحات الزراعية، فضلاً عن دعمه بالقروض المالية لتذليل الصعاب”.
الجانب الحكومي بدوره يعترف بحدوث تقلص في مساحات زراعة الرز، عازياً السبب إلى “قلة الإيرادات المائية، وخاصة التي تأتي من تركيا، حيث قصرت زراعة الرز على منطقة الفرات الأوسط ومنعت زراعتها على نهر دجلة”، بحسب الوكيل الفني لوزارة الزراعة مهدي القيسي الذي تحدث في تصريحات صحفية سابقة.
ويقول: إن “الوزارة تطمئن المزارع والمواطن بأنها جادة وساندة لنوع رز “العنبر” وباقي الأصناف، والدليل انطلاق برنامج وطني تبنته الوزارة من خلال دائرة البحوث الزراعية، ويتضمن تخصيص محطات بحثية وأكبرها في ناحية المشخاب بالنجف، ومحافظة الديوانية، إضافة إلى قضاء الصويرة بمحافظة واسط”.