الامطار.. يجب ان نخجل جميعاً من انفسنا

عادل عبد المهدي
يذهب كثير من المفسرين ان “المطر” قرانياً يحمل معنى الانذار والعقاب، {وامطرنا عليهم مطراً فانظر كيف عاقبة المجرمين}.. وان القرآن الكريم يستخدم “الغيث” للخير والعطاء، {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته}. وبالطبع هناك تفاسير مختلفة، لكنه يبدو فعلاً ان الامطار عندنا تتحول الى اضرار واذى، فتتعطل المصالح وتنقطع الطرقات وتتضرر الدور.. فالمياه لا تصرف جيداً، ولا تخزن، ولا تستثمر بشكل راشد في الزراعة وبقية الاستخدامات. وعندما تنقطع الامطار فالجفاف والعطش.. في وقت نصرخ -عن حق- ان جوارنا يستثمر مياهه دون الاخذ بمصالحنا وحقوقنا.. اضافة لتلوث المياه السطحية والانهار، لهذا توصي السيدة “امينة العاصمة” بتوفير استخدام المياه لأنها بسبب خراب المجاري ستتسرب الى الشوارع والطرقات فتزيد تصاعد المياه في الاحياء والمساكن.
1- يقول السيد مدير هيئة الانواء الجوية في 18 شباط الماضي، ان كمية الامطار التي سقطت لمنتصف شباط، بلغت 2400 ملم تقريباً، حظيت بغداد منها بـ71.7 ملم، وكربلاء المقدسة 42 ملم، والنجف الاشرف 27 ملم، والديوانية 17 ملم، والعمارة 4.5 ملم، والبصرة 2.4 ملم، والناصرية 0.2 ملم، والرمادي 63.4 ملم، وحديثة 31.6ملم، وكركوك 54.7 ملم، وبيجي 42.5 ملم، وسد حمرين 110 ملم، والسليمانية 183.6ملم.
2- تتوزع الامطار في العراق على اشهر السنة، عدا حزيران، تموز، اب وايلول، حيث تنقطع تماماً.. ويتغير معدلها حسب السنوات، وتشير الدراسات انها تتراوح بين 120-160 ملم سنوياً للعراق بمجمله. فحسب climate data org. كان متوسطها قبل عامين 122 ملم، وهو ما سيساوي 122 لتر/متر2.. وتشير المنظمة ان معدل بغداد كان 156 ملم/سنة، موزعة بدءاً من تشرين الثاني الى ايار كالاتي: 3ملم، 21 ملم، 26 ملم، 26 ملم، 28ملم، 28 ملم، 17 ملم، 7 ملم على التوالي.
3- مساحة العراق 437072 كم2 (437 مليار/متر2). فاذا كان كل ملم مطر=لتر/متر2، فان 122 ملم سنوياً للعراق سيعني (5.3) ترليون لتر ماء، اي (5.3) مليار/متر3 من المياه الحلوة. والتي من شأنها نظرياً ارواء 5-8 مليون دونم، إن كانت معلوماتنا وحساباتنا صحيحة. فالاراضي الديمية في كردستان وشمال العراق كانت وما زالت مصدراً مهماً للزراعة، رغم انها لا تشكل سوى عاملاً مساعداً في الوسط والجنوب، خصوصاً جنوب خط 100 ملم من الامطار.
4- يقول سبحانه {وجعلنا من الماء كل شيء حي}، رغم ذلك تبقى ثقافة المياه هشة وعدوانية للغاية، ولا توجد اهتمامات ومنظومات جدية وبادنى مستوى مطلوب لخزن الامطار والسيول، لا رسمية ولا اهلية.. لا للزراعة ولا للاهتمامات الاخرى ومنها مياه الشرب. فلنأخذ بغداد مثالاً، فاذا كان معدلها السنوي 156 ملم، فان داراً مساحة سطوحه 200 متر2 يستطيع ان يجمع من الامطار ما مقداره 15600 لتر/سنة.. او 42.7 لتر/يوم.. تكفي العائلة للشرب والطبخ. وان سعر هذه الكمية 8540 ديناراً/يوم، او 256200-264740 دينار/شهر، قياساً على مياه “اللؤلؤة” وهي نوعية معروفة وجيدة، وسعرها حوالي 200 دينار/لتر في الاسواق.
5- قبل ظهور قناني الشرب، كانت العادة جمع امطار “نيسان” باعتبارها مياه شافية ومنشطة، حسب الروايات والقناعات.. وهذا طبيعي لاحتوائها على لقاحات الاشجار والورود.. اما الان فهناك تحذيرات من تلوث الهواء، وبالتالي قد تحتوي الامطار على “الكبريت” و”النتريد”، ومخلفات الطيور، الخ. لذلك يجب فحص المياه وان اقتضى الامر معالجتها، والحلول بسيطة.. علماً ان دراسة لباحث عن كوريا الجنوبية، استبعدت تلوث مياه المطر الا اذا تجاوز معدل تلوث الهواء “مليون” مرة المعدلات المقرة. فالامطار هناك تهطل بمعدل 128 مليار طن، فاذا كان معدل تلوث الهواء 130000 طن، فستكون النسبة 1/1000000، وهذه نسبة متدنية –حسب الباحث- لا تستدعي التشكيك بسلامة مياه الامطار، الا في حالات خاصة جداً. وكتجربة شخصية، فانني سكنت طويلاً داراً، فيه بئر يتغذى مباشرة بمياه الامطار، كافية للشرب وسد بقية الحاجات.