الدكتور ماجد الساعدي: يجب دعوة رؤوس الاموال العراقية من الخارج للمساهمة في دعم الاقتصاد
بغداد – الاعمار
أكد رئيس مجلس الأعمال العراقي في الأردن ومنتدى إعمار العراق الدكتور ماجد الساعدي، إن أعضاء المنتدى من رجال الأعمال المغتربين يرغبون بالعودة الى العراق وتنشيط استثماراتهم فيه، وفيما أشار إلى ضعف التشريعات العراقي في حماية المستثمرين الأجانب والعراقيين، انتقد الدور المصرفي في العراق ومزاد العملة الصعبة، وأوضح أن البيئة الاستثمارية في العراق بحاجة الى العديد من التشريعات لمعالجة الاخطاء السابقة، والانتقال الى السوق الحر بدلًا من النظام الاشتراكي.
إليكم أهم ما قاله الساعدي خلال استضافته ببرنامج “ستوديو العراقية” في قناة العراقية الفضائية:
“تأسيسي منتدى إعمار العراق”
واضاف الساعدي: “نحن أسسنا منتدى اعمار العراق لكل المغتربين ورجال الاعمال في الخارج في جميع انحاء العالم. والكل يرغب بالقدوم للعراق. وسيكون لنا مؤتمر تأسيسي في بغداد وسنأتي بأموالنا وافكارنا ومشاريعنا لنبدأ الخطوة الاولى. البلد لن يبنيه الا ابناءه، وسيصدر لي كتاب في قادم الأيام أتحدث فيه عن دور المغتربين العراقيين في اعادة الاعمار، واستشهدت بتجارب دول مثل اليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، وللبنان بعد الحرب الأهلية”.
“سياسة إقتصادية متناقضة”
واكد الساعدي انه “ومنذ 50 سنة يعيش العراق حالات متناقضة من السياسة الاقتصادية، ويعيش حالة اشتراكية أُحادية القطب، وفجأة تحول الى اقتصاد السوق دون مقدمات او ثقافة اقتصادية او اسس علمية للتحول الاقتصادي، ولذلك حدث ارباك كبير منذ 2003 وإلى الان، وهذا الارباك يتمثل بعدة جوانب، الجانب الاساسي هم المشرفون على عملية الانتقال في الجانب الاقتصادي. إذ أن أغلب مفاصل الاقتصاد العراقي كانت اشتراكية. الدولة تملك كل شيء وتوفر الخدمات وهذا الامر يحتاج الى مشاركة القطاع الخاص وادخاله بقوة في آلية اتخاذ القرار”.
“أخطاء مؤتمر الكويت”
اما عن مؤتمر الكويت لدعم العراق فقال الدكتور الساعدي: “ما رأيناه في مؤتمر الكويت وكنا متحمسين له بشكل كبير، وقمنا بتحفيز الشركات العالمية للحضور، وحضرت الصناديق العربية والعالمية المؤتمر بقوة، وتحدثنا معهم. وفي قناعتي لم نستفد بشكل كبير من هذه الامكانيات التي حضرت، ويمكن تبريرها بأنها لأول يجلس ممثلو العراق مع 70 دولة وشركاتها بمختلف القطاعات ورؤوس أموال ضخمة تقدر بتريليونات الدولارات. ولم نستطع استقطابهم، فالدراسات للجدوى الاقتصادية وضعت محليًا من قبل الحكومة، وانا كمستثمر في أي بلد عندما استثمر بمشروع فأنا من يقوم بدراسة الجدوى الاقتصادية بناءً على المقتضيات والمتطلبات والتسهيلات. على كل حال كانت تجربة جيدة، هنالك اخطاء يمكن ان نستفيد منها”.
“النقطة الاخرى التي لم ينتبه لها المؤتمر او المنظمون له هي رأس المال العراقي المغترب الذي يقدر بـ300 مليار دولار عراقي في الخارج، والجالية المتكونة من 5.5 مليون عراقي بحسب احصائيات الأُمم المتحدة، وهناك عقول عراقية اقتصادية مؤثرة في البلدان التي تستثمر فيها. لم نجد الحافز الوطني المحلي لجذب هؤلاء، والتحدث معهم”.
“التشريعات لا تحمي المستمر”
ويرى دكتور ماجد الساعدي ان “الاستثمار له مقومات في كل دول العالم، واهمها التشريعات التي تحمي المستثمر من ملكية الارض وتحويل الارباح والمصارف المحلية، وللأسف الشديد مصارفنا لا تستطيع ان تواكب حركة الاعمار القادمة، واذا استمروا بهذا الشكل فعلى الحكومة العراقية ان تفتح الباب للمصارف العالمية للدخول الى السوق العراقي وتمويل هذه المشاريع. المستثمر عندما يستثمر بمشروع ما فهو يوجه قرابة 30% من رأس المال من الكلفة الاجمالية لهذا المشروع، والباقي توفره المصارف المحلية وفق آليات الاقتراض، وهذا ما معمول به في كل دول العالم. البنوك الحكومية التي تملكها الدولة هي المسيطرة على كل مفاصل الاقتصاد والقطاع المصرفي. وبهذا النظام الاشتراكي لا نستطيع ان نتقدم”.
“الفساد لا يُطَمْئن المستثمرين”
الا ان الفساد يبقى هو التحدي الاكبر والعصا التي تحشر في عجلة التقدم حيث يرى دكتور ماجد الساعدي ان الفساد هو العنصر الاهم الذي يواجه المستثمر، وتحدثنا في الكويت عن الموضوع لطمأنة المستثمرين بأن هناك اليات للقضاء على الفساد. طرحنا الفكرة على رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي، وقد انتبه لها بشكل رئيسي، وبحثنا في الامانة العامة لمجلس الوزراء الموضوع، وطرحنا فكرة تشكيل قوة عسكرية خاصة لحماية المستثمرين وانشاء محكمة متخصصة بالاستثمار. أي ان المستثمر الذي يواجه مشكلة لا يذهب الى المحاكم العادية ويعاني من البيروقراطية والتأخير، بل يذهب لمحكمة الاستثمار التي تتخذ قرارات سريعة وبالتالي قراراتها تنفذها هذه القوة العسكرية في حالات الابتزاز او الارهاب او التهديد… الخ. هذه الامور تعطي ثقة الى المستثمر بأن رأس ماله مؤمَّن وباستطاعته ان يزيد استثماراته”.
“السوق العراقي واعد وقوي”
لكن ثقة الساعدي بالسوق العراقية ما زالت كبيرة حيث يرى ان السوق العراقي كبير وواعد وقوي وهائل. 30 مليون مستهلك يمكننا البدء من الصفر ابتداءً بالصناعات والخدمات. المردود للاستثمار عالي جدا. نحتاج الى تعديل القوانين الاستثمارية، وتشجيع المستثمرين. معظم المصارف العراقية مجهولة في سوق العملة مزاد العملة، وبالتالي المردود المالي الكبير من مزاد العملة اغناهم عن مشاكل التمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة والتي هي اساس الاقتصاد التي تبدأ من عشرة الاف دولار، وهذه المصارف لا تمارس دور المصارف. فهناك العديد من المشاكل التي تواجه المقترض منها يحتاج الى تأمين 100% من اجل الاعتماد المصرفي، وهذا الامر لا يحدث في العالم كله، ومنذ 40 سنة نعمل مع مصارف العالم وتلك المصارف تحتاج الى تأمين يصل الى 5 او 10%، فإذا كان التأمين بالمبلغ كله فلماذا وجدت المصارف!”.
“في فترة كنا نتعامل مع الحكومة العراقية لاستلام الاعتمادات للتجهيز خلال 2006 و2007، كانت الحكومة تفرض على المصارف سقف اعتمادي محدد. أي اعتماد يفوق الـ5 مليون دولار كان يجب ان يذهب للمصرف العراقي للتجارة، ولا يجوز ايداعها في المصارف البقية، وهذا الامر سبب ارباك كبير”.
“ثلاثة آلاف رجل أعمال عراقي يستثمر في الأردن”
واضاف ان في الاردن لدينا اكثر من 3 الاف رجل اعمال مستثمرين في الاردن وغالبيتهم في قطاع الاسكان. القوانين العراقية لا تسمح للمصارف ان تقرض لغايات الاسكان، وفي حالة تعثر المقترض في التسديد لا يستطيع المستثمر ان يستولي على العقار. لدبل تحجز عليه المحكمة ولا تستطيع استعادته. وبالتالي اين الضمان؟ في الاردن تأتي بقرار المحكمة وتبيع العقار. وفي العراق الدولة لا تعطي ضمان على دفع المقترض، والبنك لا يستطيع استعادة العقار. وهذا يعتبر حلقة مفقودة، وهي بحاجة الى تشريع يعطي الثقة للمستثمر. ويجب ان يكون صاحب الخطوة الاولى الحكومة، فهي تملك القرار والتشريع مع البرلمان”.
“توظيف الأجواء الجيدة للحرب الاقتصادية”
واثنى الدكتور ماجد الساعدي على انتصارات قواتنا الباسلة على قوى الارهاب ودعا للاستفادة من النصر من خلال توظيف ايجابيات المرحلة.
وقال الساعدي: “بعد القضاء على داعش حققنا الوحدة الوطنية، والعراقيون تفاءلوا بالمستقبل، والطائفية انتهت تقريبًا، لذلك علينا توظيف هذه الايجابيات للحرب الاقتصادية القادمة. مع وجود خطورات كبيرة في المستقبل لتصادمات دولية يجب أن يلتزم العراق موقف الحياد والتفكير في مصلحة العراق اولًا ومن ثم الجوار والاصدقاء حول العالم. الحكومة يجب ان تستمع للقطاع الخاص، فهو غير ممثَّل اطلاقًا بالرغم من المؤتمرات الاقتصادية الكبيرة والدعوات للقطاع الخاص. لكن بمجرد الانتهاء من المؤتمر تنتهي هذه العلاقة. البلد لن يبنيه الا القطاع الخاص. الدولة غير قادرة وأسعار النفط محدودة. اليوم وزارة النفط طلبت من شركات النفط تخفيض الانتاج لوجود خلل في الانبوب النفطي في البصرة. وهذا سيقلل الايرادات والميزانية التشغيلية. ونحن نحتاج الى مئة مليار سنويًا. وهذا المبلغ غير متوفر.. فيجب اللجوء للاستثمارات الخارجية، وهذه لن تدخل بدون وجود القطاع الخاص العراقي. وجميع المستثمرين الاجانب هم بحاجة الى شركاء عراقيين معهم”.
“الحكومة ستلجأ للقطاع الخاص عاجلًا أم آجلًا”
ويرى دكتور ماجد الساعدي ان “الحكومة وبعد 40 عاما من النظام الاشتراكي لم يُعطَ للقطاع الخاص الحرية الى التوسع والنضوج. بعد 2003 انتقلنا الى الاقتصاد الحر، فوجد القطاع الخاص نفسه امام تحدٍ كبير حتى يثبت وجوده. برأيي العلاقة التي تطورت بين المسؤولين العراقيين والقطاع الخاص افسدت هذه المنظومة التي يجب ان تقوم بإعادة الاعمار. انا متفائل وتحدثت مع الكثير من رجال الاعمال على ضرورة الوحدة والانفتاح وتطوير العلاقة مع الحكومة العراقية. الحكومة العراقية ستلجأ للقطاع الخاص شاءت أم أبت، عاجلًا أم آجلًا. البنك الدولي يصر على وجود القطاع الخاص. وكلنا ثقة بأن رأس المال العراقي والمستثمرين العراقيين سيعودون وسنحفز المغتربين العراقيين على العودة للاستثمار في العراق. نحن أسسنا “منتدى اعمار العراق” لكل المغتربين ورجال الاعمال في الخارج في جميع انحاء العالم. والكل يرغب بالقدوم للعراق. وسيكون لنا مؤتمر تأسيسي في بغداد وسنأتي بأموالنا وافكارنا ومشاريعنا لنبدأ الخطوة الاولى. البلد لن يبنيه إلا ابناءه”.
“تنويع مصادر الدخل القومي”
ودعا الساعدي الى تنويع مصادر الدخل العراقي، وأوضح ان “مشكلتنا تكمن في ادارة الموارد وتنويع مصادر الدخل للدولة. فالسياحة مثلًا يأتي للعراق حوالي 50 مليون زائر اجنبي سنويًا، هل استثمرت السياحة؟ يجب ان نترفع عن الحس والشعور الديني ونتحول الى الشعور التجاري والاقتصادي في نواحٍ معينة، فالعراق من ايرادات هذه السياحة يستطيع تطوير هذه المناطق واعادة اعمارها وتشغيل ابناءها وخلق فرص عمل وبنية تحتية. كتبا احصائية عن السياحة الدينية، فوجدنا ايراداتها توازي ايرادات النفط لو اديرت بشكل صحيح”.
“الزراعة ايضا؛ العراقي لديه نهران من شماله الى جنوبه. 95% من الوارد القومي في خمسينات القرن الماضي من القمح والتمر. لماذا لا نزرع. لماذا نشجع على الهجرة من الريف الى المدينة. وبالتالي المزارع فارغة لأسباب ادارية وليست سياسية، تعود الى عدم دعم المنتج الزراعي المحلي وتشجيعه، وتعزيز الضرائب على المنتج المستورد، ونحن مع البنك الدولي نصر على اضافة الضريبة على المستوردات. تشكل نسبة الضريبة من الدخل القومي العراقي 3% فقط، في حين دول مثل زمبابوي والصومال تصل نسبة الدخل القومي للضرائب الى 20%. الامر لا يضر المواطن فالمواطن مخير على دفع المال الاكثر للبضاعة المستوردة او المحلية، المنتج المستورد غالي الثمن، لكن توجد بدائل محلية له. علينا التخلص من المبادئ الاشتراكية في الاقتصاد”.