القضاء يرفض بناء الدور في الاراضي الزراعية

بغداد – الاعمار
فاقمت أزمة السكن في العقود الأخيرة تقسيم وبيع الأراضي الزراعية الداخلة ضمن التصميم الأساس للمدينة، فيما أكد قضاة متخصصون أن هذه الظاهرة أسهمت بشكل كبير في انتشار العشوائيات في المدن.
وبالإضافة إلى ذلك شخص قضاة متخصصون إلى “القضاء” ظهور مشكلات ونزاعات عدة تحدث اغلبها بين البائع والمشتري لأن القانون العراقي رسم شكلا محددا لبيع العقار بخلاف عمليات البيع التي تجري لهذه المساحات الزراعية.
ولا يحصل بيع الأراضي قانونيا إلا عن طريق دائرة التسجيل العقاري المختصة وباستيفائه الشكل الذي نص عليه القانون طبقا لنص المادة (٥٠٨) من القانون المدني العراقي النافذ، بخلاف اغلب هذه البيوعات التي تعقد على شكل مكاتبات وعقود خارجية استنادا لاتفاق الطرفين (البائع والمشتري) حيث ينضد العقد عرفيا ويثبت من قبل جهة خارجية غير حكومية ليكون أشبه بعقود بيع السيارات وغيرها.
وتعليقا على الموضوع قال القاضي علي حميد العلاق نائب رئيس استئناف الكرخ ورئيس مجمع محاكم البياع لصحيفة “القضاء” ان “هذه العقود هي عقود شكلية ولا تعتبر عقودا صحيحة لنقل ملكية عقار او اسهم وتعد باطلة من الناحية القانونية ولا يترتب عليها اي اثر قانوني للبيع”.
ولفت العلاق الى أن “المواطن في الآونة الأخيرة وبعد تأكده من ان هذه العقود لا يعتد بها توجه الى المحاكم ليقدم طلبات تسمى طلبات الإقرار بالبيع ليقوم مالك السند او العقد برفع دعوى على البائع ليقر ببيعه جزءا من الارض الزراعية او أسهما محددة منها”.
وأوضح العلاق أن “هناك شكلين لهذا الإقرار إما عن طريق طلب الاقرار المباشر المقدم من المشتري، او يكون عن طريق إقامة دعوى تمليك على البائع ليقر ببيعه ضمنا”، لافتا إلى أن “نتيجة هذه الدعوى الرد كونها تفتقر الى الشروط المذكورة في القرار رقم (1426) لسنة 1983 وشكلية نقل ملكية العقار وفق القانون”.
وأكد نائب رئيس الاستئناف ان “الأثر القانوني لهذه الإقرارات والمحررات على فرض صحتها يتحدد بضمان الالتزام المالي بين الطرفين، ويتيح للمشتري الرجوع والنكول عن الشراء لعدم نقل ملكية الأرض المباعة اليه وإعادة الحال على ما هو عليه قبل الشراء فقط، كون الاقرار بمثابة اعتراف من البائع باستلام مبلغ معين عن بيعه لأسهم محددة من أرضه الزراعية”.
وأكمل العلاق أن “المكاتبات الخارجية وإن صدقت بالإقرار فهي من المحررات التي لا يمكن تنفيذها كونها ليست من المحررات والأحكام القابلة للتنفيذ استنادا الى احكام المادة (14) من قانون التنفيذ رقم (45) لسنة 1980”.
من جانبه قال القاضي حاتم جبار الغريري رئيس مجمع محاكم الدورة إلى “القضاء” انه “في المدة الأخيرة شاع بين أصحاب العلاقة إقامة هذا النوع من الدعاوى امام محاكم البداءة في الدورة والبياع بكثرة، حيث اجازت المادة (145) من قانون المرافعات المدنية من بيده سند عادي ان يطلب من القضاء المستعجل دعوة من ينسب اليه هذا السند ليُقر انه بخطه او بإمضائه او بختمه او بصمة إبهامه، وإن كان الالتزام به غير مستحق الأداء”.
وأضاف الغريري “بالتالي فان الإقرار الذي يستحصل عليه مشتري العقار بموجب التعهد بالبيع (عقد البيع العرفي) الذي يبرزه للمحكمة ليقر به البائع، إنما هو اجراء تحفظي يبغي من ورائه طالب الإقرار تلافي إنكار الموقع على هذا السند مستقبلا فيما لو ثار نزاع قضائي بينهما عن اي سبب كان، كي يستحصل لاحقا على حكم ضد الخصم بمضمون هذا المحرر من المحكمة بعد إقامة دعوى امام محكمة البداءة بأصل هذا الحق، وهو ما يحصل حاليا من قبل مشتري الاراضي حيث يقيمون الدعاوى او طلب الإقرار ضد البائع ليضمنوا وضع الارض مستقبلا في حال حدوث اي تغييرات عليها من حيث القيمة المادية او صنف الارض المبيع فيما لو تم تحويلها الى الجنس السكني”.
وأكد القاضي الغريري ان “تحويل جنس الارض من زراعي الى سكني ليس من اختصاص القضاء حيث حددت المواد (279و280و281) من قانون التسجيل العقاري رقم (43) لسنة 1971، الجهة الموكل اليها تحويل صنف الارض وأناطته بدوائر التسجيل العقاري المرتبطة بوزارة العدل”.
وبخصوص انتشار ظاهرة بيع وتقسيم الأراضي الزراعية، أضاف الغريري أن “سلبيات كثيرة تكتنف انتشار هذه الظاهرة التي انتشرت بشكل مُلفت للنظر، إذ يقوم اصحاب هذه الأراضي ذات المساحات الكبيرة بتفتيت هذه المساحة من الأرض الزراعية الى قطع صغيرة جدا لبيعها بعقود بيع خارجية الى المواطنين لانشاء دور سكنية تصل مساحتها الى حد (50م)، سيما وان هذه المساحات من الأراضي الزراعية متداخلة ومتاخمة للأحياء السكنية والأراضي ذات التصنيف السكني مما أتاح لمشتري هذه المساحات الصغيرة من الاراضي الزراعية الى اقامة الوحدات السكنية عليها خلافا للضوابط والقوانين”.
ولفت إلى “القانون منع اقامة اي بناء قبل استحصال إجازة بناء صادرة من دائرة البلدية المختصة ومن غير المتصور ان تمنح دائرة البلدية هذه الاجازة في الأراضي ذات التصنيف الزراعي الا وفق ضوابط معينة كان تكون دارا واحدة لصاحب الارض ذات المساحة الكبيرة”.
ويرى الغريري أن “تشييد هذه الأبنية بهذه الكيفية يعد مخالفة لقانون إدارة البلديات النافذ، وقد أتاح هذا القانون لدائرة البلدية ان تنذر صاحب البناء برفع هذه المخالفة خلال مده معينة وفق الأسلوب الذي رسمه لها قانون ادارة البلديات رقم (165) لسنة ١٩٦٤”.
من جانبه تابع القاضي علي العلاق “ان انتشار هذه الظاهرة سلبيا بكل المقاييس رغم أنها تحد من ازمة السكن الحاصلة في المدن والعاصمة كونها تؤثر تأثيرا سلبيا على البنى التحتية للمناطق المتاخمة لها اضافة الى تفتيتها للأراضي الزراعية وانهاء الحزام الأخضر للمدن إضافة لصعوبة جمع المعلومات عن ساكنيها”.