هل يعيد تيلرسون ترتيب البيت الخليجي بعد أن شتّته ترامب؟

بغداد – الاعمار :
اتّجهت أنظار العالم خلال هذه الأيام إلى الجولة الخليجية التي يجريها وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون؛ بهدف حلحلة الأزمة المتصاعدة، خاصة مع كثرة الحديث عن أن الأزمة كانت واحدة من نتائج زيارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للرياض، في مايو الماضي.

ووصل تيلرسون، الاثنين 10 يوليو 2017، إلى الكويت قادماً من إسطنبول، في مستهلّ جولته التي يجري خلالها محادثات بهدف تحقيق انفراجة و”كسر جمود الموقف”، في أزمة الخليج المشتعلة منذ مطلع الشهر الماضي، وإصلاح ما فسد عقب زيارة ترامب، على ما يبدو.

وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأمريكي، الثلاثاء 11 يوليو 2017، أعلن وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن بلاده وقّعت مع الولايات المتحدة الأمريكية اتفاقية مشتركة لمكافحة تمويل “الإرهاب”، داعياً الدول المحاصرة لبلاده إلى الانضمام والتوقيع على الاتفاقية.

– ترامب وتيلرسون.. زيارات لـ “مكافحة الإرهاب”

واندلعت الأزمة الخليجية، التي يرى البعض أنها كانت وليدة لحظتها، بعد 28 يوماً من زيارة أجراها دونالد ترامب للسعودية، وهي الزيارة التي وصفتها الرياض بـ “التاريخية”.

وفي نهاية زيارته، أعلن ترامب العمل مع السعودية على إطلاق مبادرات جديدة لمكافحة خطاب التطرّف، وتعطيل تمويل الإرهاب، وتعزيز التعاون الدفاعي.

واعتبر البعض الأزمة الخليجية واحدة من نتائج زيارة ترامب غير المعلنة، لا سيما أن الأخير سارع فور اندلاعها للقول، عبر صفحته على “تويتر”، إن الإجراءات التي اتّخذتها الرياض وشركاؤها ضد الدوحة كانت واحدة من نتائج زيارته، وإن هذه القرارات مستلهمة من خطابه في الرياض.

لكن وزارة الخارجية الأمريكية سارعت للثناء على مواقف قطر في مواجهة الإرهاب، وتأكيد رفضها للحصار الجائر عليها، ودعت لحل الأزمة عبر الحوار. وهو النهج الذي سارت عليه وزارة الدفاع “البنتاغون”، والتي أكّدت حيوية الجهود القطرية في مجال الحرب على الإرهاب.

اقرأ أيضاً :

قطر توقع مع أمريكا مذكرة لمكافحة الإرهاب وتدعو دول الحصار للانضمام

وقال وزير الخارجية القطري بعد لقائه نظيره الأمريكي، الثلاثاء، إن اتفاقية مكافحة الإرهاب التي وقعها الطرفان “لا علاقة لها بالأزمة والحصار المفروض على قطر”، مشيراً إلى أنه “تم الاتفاق على استمرار التعاون والتشاور في كافة القضايا الإقليمية”.

من جهته أوضح تيلرسون، أن “الاتفاقية مع قطر تتضمّن أن البلدين يتحمّلان المسؤولية للتعاون ووقف تمويل الإرهاب”.

وكان الوزير الأمريكي قال فور وصوله إلى الدوحة، إن بلاده تهدف إلى منع تصاعد الأزمة الخليجية، مؤكداً أن قطر كانت واضحة ومنطقية في مواقفها. كما أعرب تيلرسون عن أمله في إحراز تقدم في التوصل لحل للأزمة الخليجية، مشدداً على أنه سيبحث سبل دفع الأمور إلى الأمام.

وعشية الزيارة، قال متحدث باسم تيلرسون: إنه “من المبكّر توقّع التوصل إلى نتائج خلال هذه الجولة”، مضيفاً: “نحن على بعد أشهر مما نتصور أنه سيكون حلاً فعلياً، وهذا الأمر غير مشجّع”، بحسب “فرانس برس”.

– لقاءات هامة

بعد وصوله إلى الدوحة، بدأ وزير الخارجية الأمريكي محادثات مع أمير قطر، تلتها محادثات مع نظيره القطري، كما جرى لقاء ثلاثي على مستوى وزراء خارجية قطر، والكويت، والولايات المتحدة الأمريكية، بحضور أمير قطر.

واستعرض اللقاء جهود الوساطة لحل الأزمة الخليجية والحفاظ على استقرار المنطقة، قبيل توجه تيلرسون إلى الرياض لاستكمال جولته.

وناشدت الكويت والولايات المتحدة وبريطانيا، عقب اجتماع عقده وزير الخارجية الكويتي، صباح خالد الحمد الصباح، مع كل من وزير الخارجية الأمريكي، ومستشار الأمن القومي البريطاني، مارك سيدويل، كل أطراف الأزمة الخليجية الإسراع باحتواء التوتر في المنطقة وإيجاد حل له بالحوار.

– أسئلة وترقّب

صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية، أشارت، الأحد 9 يوليو 2017، إلى أن تيلرسون سيزور الخليج بعد رد قطر، الذي وصفته دول الحصار بـ “السلبي”، على مطالبها التي تقدّمت بها، لافتة إلى أن الزيارة تأتي بعد عدة اتصالات أجراها الوزير الأمريكي مع دول الخليج، يبدو أنها لم تنجح في نزع فتيل الأزمة.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين، أن جدول زيارة تيلرسون إلى الآن غير نهائي، إلا أنه من المتوقّع أن يقضي أسبوعاً في جولات مكوكية بين دول الأزمة الخليجية.

ويحاول الوزير الأمريكي تحقيق اختراق للأزمة الخليجية، وهو الذي يعاني من شكاوى متزايدة من طرف مسؤولين في البيت الأبيض، معتبرين إياه بأنه “لا يأخذ بتوصيات مستشاريه”، بحسب الواشنطن بوست.

وسيسمح نجاح تيلرسون في مهمته الخليجية باستعادة مكانته في البيت الأبيض، إذ يرى بعض مسؤوليه أنه الشخص المناسب لإدارة ملف الأزمة الخليجية، رغم أن المهمة لا تبدو سهلة في ظل الأزمة العميقة.

لكن أكثر ما تخشاه واشنطن، بحسب الصحيفة الأمريكية، أن تؤثر الأزمة الخليجية في الحرب على الإرهاب وأهداف أمريكا في الشرق الأوسط، رغم تأكيدات القادة العسكريين أن الأزمة في الخليج لم تؤثّر حتى الآن على التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي تقوده أمريكا.

وتأتي زيارة الوزير الأمريكي للخليج في ظل حديث عن نية الدول الأربع (السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر)، تشديد الحصار على قطر من خلال تجميع الحسابات القطرية، “فهل سينجح تيلرسون في مهمته الخليجية الأكثر صعوبة؟”، تتساءل الصحيفة.

ونقلت الصحيفة عن خبراء بأن نجاح جولة تيلرسون في نزع فتيل الأزمة التي تحمل أبعاداً وتبعات اقتصادية كبرى يتوقّف على مدى قدرته على إقناع قادة الخليج بوحدة الموقف الأمريكي؛ من الرئيس دونالد ترامب، إلى وزارتي الخارجية والدفاع.

وقال نيل باتريك، المحلل الخبير في شؤون الخليج، إن مدى تأثير تيلرسون “يعتمد على ما إذا اقتنع قادة الدول المعنيّة بالأزمة بأنه (تيلرسون) مدعوم من الرئيس ترامب”.

وفي السياق، قال آر.سي. هاموند، كبير مستشاري تيلرسون، إنه سيستعرض سبل كسر جمود الموقف، بعد رفض قطر المطالب الـ 13 لدول الحصار، مضيفاً: “زيارة السعودية وقطر تتعلق بفن الممكن”.

وعن مطالب دول الحصار، قال هاموند: “المطالب الثلاثة عشر انتهت، ولا تستحق العودة إليها بشكل مجمل، لكن هناك أمور من بينها يمكن أن تنجح”.

عبد الله الشايجي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، قال: إن الجولة “تأتي بعد تصريحات متناقضة في واشنطن حيال الخلاف”، مضيفاً لوكالة الأنباء الفرنسية: “إنها آخر محاولات إنقاذ الموقف وحل الأزمة التي بدأت تؤثّر على الاستقرار الإقليمي وعلى الحرب ضد تنظيم الدولة”.

وحاول “الخليج أونلاين” التواصل مع مسؤولين خليجيين للتعليق على زيارة تيلرسون، لكنهم طلبوا عدم الحديث “احتراماً لكافة الأطراف”.

في غضون ذلك، قالت وزارة الخارجية المصرية، الثلاثاء 11 يوليو 2017، إن وزراء خارجية الدول المقاطعة لقطر سيلتقون تيلرسون، في مدينة جدة السعودية؛ لبحث أزمة الخليج.

ونقلت وكالة رويترز، عن الخارجية المصرية، أن الوزير سامح شكري تلقّى دعوة من نظيره السعودي، عادل الجبير، لحضور اجتماع لوزراء خارجية الدول العربية الأربع المقاطعة لقطر مع الوزير الأمريكي، والمقرّر عقده الأربعاء، في جدة.

وتستغرق جولة تيلرسون أربعة أيام، وتشمل عقد لقاءات مع قيادات خليجية، وفق وزارة الخارجية الأمريكية، التي قالت إن تيلرسون سيجري محادثات مع الزعماء في الكويت وقطر والسعودية.

وفي 5 يونيو الماضي، أعلنت دول الحصار الأربع (السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر) قطع علاقاتها مع الدوحة، وفرضت عليها حصاراً برياً وجوياً؛ بزعم دعمها لتنظيمات إرهابية، وتعزيز علاقاتها مع إيران، وهو ما نفته السلطات القطرية جملة وتفصيلاً، معتبرة أنها تتعرض لمحاولات للنيل من سيادتها.

وفي الـ 22 من الشهر ذاته، قدمت دول الحصار، عبر الوسيط الكويتي، قائمة تضم 13 مطلباً لإعادة العلاقات مع الدوحة؛ من بينها إغلاق قناة “الجزيرة”، وهي المطالب التي وصفتها قطر بأنها “غير واقعية، ولا متوازنة، ولا منطقية، وغير قابلة للتنفيذ”.

ومع انتهاء المهلة المحددة لتنفيذها في الـ 4 من يوليو 2017، ألغت الدول الأربع مطالبها الثلاثة عشر، بعد تمديد المهلة يومين بناء على طلب كويتي.