مات نيوتن
كتب الروائي مرتضى كزار في صفحته في الفيسبوك الآتي :
مات نيوتن وهو يعتقد أنّ العالم سينتهي في سنة ٢٠٦٠م، وقضى الربع الأخير من عمره يتعلم اللغة العبرية حتى يتمكن من فك شفرات نهاية العالم المخبوءة في الإنجيل!.
هاريش، مكتشف أورانوس والأشعة تحت الحمراء كان يظن أن الشمس باردة جدًا.
فيثاغورس، أعتقد أن بمستطاعه الكتابة على سطح القمر بواسطة سلسلة من المرايا.
عاش ومات آلاف العلماء ومنتجو الأفكار وفي رؤوسهم الكثير من الأوهام، لكننا لا نستخف بمجهودات نيكولا تسلا التي مهدت لاختراع الكهرباء لأن تسلا كانت لديه مخططات لسلاح فنتازي يقذف اطلاقة بقدرة عشرة آلاف مليون ڤولت !، هل ينبغي أن أحطم مصباح الإنارة في الغرفة الآن لأن تسلا يبدو مجنوناً بالنسبة لنا اليوم!.
هذا غير منطقي ومخالف لفلسفة العلوم، لأن العلم ابن زمنه والأفكار لايمكن أن تولد قبل أوانها.
ومثل ذلك يحدث في التيارات وأفكار العلوم الانسانية. والعقائد والفلسفات والمرويات .
قبل ٦٠ سنة نشر علي الوردي كتابه خوارق اللاشعور، وتحدث فيه عن ما أسماه بالخارقيّة كتعريب لمصطلح الباراسايكولوجي، ليس كل الكتاب مخصصًا لهذا الموضوع بل فيه قراءات شيقة عن فهمه الحديث آنذاك لبعض الخصال البشرية.
مانعتقده اليوم خرافة قدّمَه الوردي على أنّه آخر كشوفات العلم وقدّم نفسه على أنّه أول من يتناولها في الوطن العربي وقد كان هذا صحيحاً.
بل قال إنّه يسعى لتأسيس جمعية للناس الخارقين من أجل كشف الزيف الاجتماعي الذي ينشره الكثير من المشعوذين والسَحرة والدجالين!.
هذه كانت مقاصده!. استعمل ماكان يُحسَبُ علمياً وفيزياوياً في زمنه لمكافحة ظاهرة غير علمية.
في ذكراه اليوم، يستعيد القرّاء ظلاله التي لايمكن – لا يمكن- تجاهلها ونفي مؤثراتها في حياتنا الثقافية، يُنشر جسده على صليب الجهات كلها، اسلاموية وعلمانية وشيوعية وعلموية، كلهم يتظافرون على الثأر منه لأنه وضع في كل قدر مغرفة.
وما يدرينا لعل الكثير مما نؤمن به اليوم يتحول بعد ٦٠ سنة إلى خرافة بفضل العلم، لكن الشبهة المتحذلقة حول استخدام الوردي للخرافات تبقى خارج دائرة الحوار الجاد الذي يحترم أطرافه.
إنها تشبه أن تقول إنّ بيرغمان كان مخرجًا سيئًا لأنه لم يستعمل كاميرة آري أليكسا؛ مع أنها لم تكن موجودة في حياته.