مسؤولون عراقيون يطالبون العبادي بالانسحاب من أوبك لانعاش الاقتصاد
بغداد – الاعمار :
قال مسؤولون عراقيون إن التزام الحكومة الاتحادية في العراق باتفاق «أوبك» لخفض الإنتاج النفطي، فاقم الأزمات المالية في البلاد التي لجأ إلى تعويضها عبر قروض من الخارج.
ويواجه العراق أزمة مالية حادة دفعته للاقتراض الخارجي لمليارات الدولارات، لتعويض النفقات المالية مع تراجع حجم الإيرادات المالية النفطية، وسط تحذيرات من عواقب كبيرة تنتظر اقتصاد البلاد.
وأضاف المسؤولون، في أحاديث صحافية إن العراق يعاني من مصاعب سياسية واقتصادية وأمنية بفعل حربه ضد الإرهاب، إضافة إلى تراجع أسعار النفط الذي أدى إلى اختلالات وعجز قياسي في الموازنة العامة.
والعراق ثاني أكبر مصدر للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك»، التي اتفقت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، على خفض إنتاجها الإجمالي بمقدار 1.2 مليون برميل يومياً، ابتداءً من يناير/ كانون الثاني الماضي لاستعادة التوازن في الأسواق.
وعادت المنظمة قبل أسابيع، ومددت الاتفاق لتسعة أشهر تنتهي في مارس/ أذار 2018.
ويعتمد العراق بشكل رئيس في إيراداته المالية على تصدير النفط الخام بنسبة 97 في المئة، فيما يعمل حالياً على تفعيل الجانب الصناعي والزراعي والتجاري، لتوفير إيرادات إضافية.
ويحتل العراق، المرتبة التاسعة بين دول العالم الغنية بالغاز الطبيعي، بعد كل من روسيا وإيران وقطر والسعودية والإمارات وأمريكا ونيجيريا وفنزويلا، وتبلغ الاحتياطيات المؤكدة فيه 143 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، فيما يبلغ الاحتياطي الإجمالي للغاز المصاحب 98.3 تريليون قدم مكعب. وقال زاهر العبادي، عضو لجنة النفط الطاقة في البرلمان العراقي إن تحديد الإنتاج النفطي للعراق في المرحلة الحالية، أثر بشكل كبير على حجم الإيرادات المالية، مشيراً إلى أن بلاده لديها القدرة على زيادة صادراته النفطية، بعد إدخال العديد من الآبار النفطية للخدمة.
وأوضح العبادي إن «العراق وافق على خفض الإنتاج النفطي ووافق على الالتزام في محاولة لإيقاف تدهور أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية، مشيراً إلى إنه عند المقارنة بين أسعار النفط المتدهورة قبل اتفاق «أوبك» ووضع السوق النفطية الآن بعد الاتفاق، نجده إيجابيا نوعاً ما بالنسبة للعراق».
ولفت المسؤول العراقي إلى أن «حجم الخسائر المالية بعد الاتفاق النفطي موجودة لكن أقل مما كان متوقعا قبل الاتفاق، حيث كانت أسعار النفط في تدهور مستمر في ظل زيادة المعروض العالمي من الخام، لافتاً إلى أن العراق يعمل حالياً لزيادة إنتاج حقوله النفطية بعد الاتفاق».
ووافق العراق على خفض إنتاجه بمعدل 210 آلاف برميل يومياً، إلى 4.35 ملايين برميل يومياً؛ ويقول مسؤولو وزارة النفط العراقية، إن بغداد التزمت بالاتفاق بالكامل.
ويعتمد العراق على إيرادات بيع النفط لتمويل ما يصل إلى نحو 95 في المئة من نفقات الدولة؛ وكان لتراجع أسعار الخام منذ 2014 أثراً بالغاً على اقتصاده.
تدني الإيرادات
وقال سرحان أحمد، عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، إن «هناك أزمة مالية حادة في البلاد متراكمة لسنوات، نتيجة لتدني الإيرادات المالية السنوية، لكن الأزمة تتفاقم بشكل يومي خصوصاً مع زيادة النفقات».
وأضاف سرحان إن «العراق دخل في التزامات مالية دولية بقروض بمليارات الدولارات، كالقرض الياباني والفرنسي والانكليزي والقطري وغيرها، وهي مجموعة قروض ستواجه الحكومة صعوبة في سدادها، في ظل غياب الرؤية الحكومية طويلة المدى لواقع اقتصاد البلاد».
وأشار إلى أن «انسحاب العراق من اتفاق «أوبك» الخاص بخفض الإنتاج النفطي، يتطلب حكومة لديها سياسة اقتصادية مالية واضحة المعالم، وهذا ما يفتقده العراق حالياً».
ولفت سرحان إلى أن «مواجهة الأزمة المالية، يحتاج إلى سلسلة إجراءات عملية تتخذها حكومة قوية، أبرزها السيطرة على الإنفاق الداخلي وإنهاء الفساد».
ويرى الخبير الاقتصادي ماجد الصوري، عضو في الهيئة الإدارية للبنك المركزي العراقي، إن الإيرادات المالية للحكومة العراقية، حققت ارتفاعاً طفيفاً على مدى الأشهر الماضية، لكنها ما تزال دون مستوى الطموح بسبب عدم اتخاذ إجراءات داخلية، من شأنها إنعاش الاقتصاد ورفع قيمة الايرادات.
وأضاف إن «الإيرادات المالية حققت ارتفاعاً على مدى الأشهر الماضية، وانعكس ذلك على إقرار البرلمان العراقي موازنة تكميلية لموازنة العام الجاري، لكن بطبيعة الحال كان من الممكن تحقيق إيرادات مالية أكبر، لو اتخذت سلسلة إجراءات داخلية لتقليل الاعتماد على النفط».
وأوضح أن «السيطرة على المنافذ الحدودية وتفعيل القطاعات الصناعية والتجارية والزراعية، كان له الأثر الكبير في زيادة حجم الإيرادات المالية للدولة، وتقليل الاعتماد على النفط في ظل شبه ثبات للأسعار في الاسواق العالمية».
أزمتان متزامنتان
ويقول صندوق النقد الدولي، وفق مذكرة بحثية صدرت عنه أواخر العام الماضي، إن العراق واجه أزمتين متزامنتين منذ النصف الثاني لعام 2014، وهي: التمرد الذي يقوده تنظيم «الدولة» وصدمة أسعار النفط. وأضاف الصندوق: «كانت لهاتين الأزمتين آثار شديدة على الاقتصاد، وتفاقمت مواطن الضعف والاختلالات الهيكلية؛ وأدتا مع عدم الاستقرار السياسي في 2014 إلى تراجع وتيرة الاستهلاك والاستثمار في القطاع الخاص، وتقييد الإنفاق الحكومي، لاسيما على المشروعات الاستثمارية».